تُعَدُّ تكنولوجيا المعلوماتِ والاتّصالات من أهمِّ عواملِ التنمية في العصرِ الحاليّ. فقد ساهمَتْ على نحوٍ فعّال في تنميةِ وبناءِ اقتصاديِّاتِ العديدِ من البلدان المتقدّمة التي تَعتمد على ما يُعرَف باقتصادِ المعرفة. وبالتالي فإنَّ مؤشِّر تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات – كأحدِ الركائزِ الرئيسيةِ لمؤشِّر إقتصاد المعرفة – يجب ألّا يَعتمِد على قوّةِ البنْيةِ المعلوماتيةِ التحتيةِ، والمحتوى الرقميِ، واستخداماتِ الأفرادِ والمؤسساتِ والحكومةِ للتكنولوجيا، في المعاملاتِ اليوميةِ فحسْب؛ وإنما يعتمدُ بدرجة الأهميّةِ نفسِها على المناخِ العامِّ للتنميةِ في الدولةِ المعنيةِ، بشأن جودةِ التعليمِ ما قبلَ الجامعي والفنّيِّ والجامعيّ، وقدرةِ الدولةِ على البحثِ والتطويرِ والابتكار، وعناصرِ اقتصادِ المعرفةِ المتعلقةِ بالمناخِ القانونيّ، وحلِّ المنازعات، وحمايةِ الملْكيةِ الفكرية، وكفاءةِ عملياتِ إنشاءِ الشركات وتشغيلِها، والقدرةِ على المنافسة، وكذلك العواملِ الدافعةِ للتنميةِ، من تأثيرِ التكنولوجيا في المنتَجاتِ والخدمات، ومستوى عمالةِ الأنشطةِ الكثيفةِ المعرفة، ومدى المشاركةِ الإلكترونية، والرعايةِ الصحّيّة.[1]
ولكي يُدرَك حجمُ التطوّرِ السريعِ والمذهلِ لتكنولوجيا المعلوماتِ والاتّصالات، يكفي أنْ يُقارنَ بينَ الوقتِ الذي استغرقَهُ كثيرٌ من التكنولوجيّاتِ الحديثةِ حتى تصِلَ لعددِ خمسينَ مليون مستخدمٍ، والسرعةِ التي انتشرَت بها الإنترنت. فعَلى سبيل المثال، احتاجَ الهاتفُ إلى سبعينَ عامًا، والراديو إلى ثمانيةٍ وثلاثينَ عامًا، والكُمبيوترُ الشخصيُّ إلى ما يقربُ من عشرين عامًا، والتلفزْيونُ إلى اثْني عشرَ عامًا؛ فيما لم تَحتَجْ شبكةُ الإنترنت إلّا لأربعةِ أعوامٍ فقط، لا بل وصل هذا العدد إلى 143 مليونَ مستخدمٍ خلال أقلَّ من ثمانية أعوام. وقد أفادَتْ تقاريرُ كثيرةٌ صادرةٌ عن العديد من الجهات والهيئاتِ الدَّوليةِ المهتمّةِ بالتّنمية، مثلِ البنك الدَّولي، عن أهميّة تكنولوجيا المعلوماتِ والاتّصالات في التنميةِ المستدامةِ اقتصاديٍّا واجتماعيٍّا، من خلال استخدامِها في مجالات التعليمِ والصحّةِ والتنميةِ الاقتصاديّةِ والحَوكمةِ الرشيدة . وتتجلّى الأهميّةُ الكبيرةُ لتكنولوجيا المعلومات والاتّصالات بالدَّور الهامِّ المُوكَلِ إليها في إعلان الأهدافِ الألْفيةِ للتنمية الذي تبنَّتْهُ جميعُ البلدان الأعضاءِ في الأممِ المتّحدة عام 2000 ، بما فيها البلدانُ العربية؛ ومن ثَمَّ مجدّدًا مع أهداف التنمية المستدامة.[2]
وتُعَدُّ تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات (الرَّقمنةُ) المحرِّكَ الرئيسيَّ الآن للنموِّ الاقتصاديّ وخلقِ العديدِ من فرصِ العملِ في مجالاتٍ عديدة، سواءٌ في البلدان المتقدّمة أو النامية. وقد عزّزتِ الرَّقمنةُ الاقتصادَ العالميَّ بنحوِ 200 مليار دولار، وساعدت أيضًا على إيجادِ ما يقربُ من ستةِ ملايين وظيفةٍ في العام .2001[3] ومع تزايُدِ استخدامِ تكنولوجيا المعلوماتِ والاتّصالاتِ، ووقْعِها المباشر على التنمية في مختلفِ قطاعاتِ الدولة، أصبح من الضروري قياسُ استخدامِ الرَّقْمنة لبيانِ مدى تحقُّقِ الاستفادةِ منها؛ بل يُمكن أيضًا الذهابُ إلى ما هو أبعدُ من ذلك، عبْرَ إيجادِ فرصٍ تنافُسيةٍ، وتحقيقِ التميُّزِ في هذا المجال. ومن المهمّ للدول النامية وخاصة العربية ، وجودُ مجموعةٍ محدّدةٍ من المؤشِّراتِ تَعكسُ وضعَ تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات فيها، بحيثُ تتّفقُ مع المؤشِّراتِ العالميةِ، بما يحقّقُ أقصى استفادةٍ منها، سواءٌ للبلدانِ في وضع القواعدِ والخططِ المستقبليةِ وتحقيقِ التنميةِ المستدامة، أمْ للجهات الرئيسيةِ الفاعلةِ في المجتمع من أفرادٍ وحكوماتٍ ومؤسسات. ويمكنُ أيضًا في المستقبلِ بناءُ قاعدةِ بياناتٍ موحَّدة تحتوي على مؤشِّرات مجتمعِ المعرفة في الدول العربية، ما يُتيحُ التكاملَ والتعاونَ في ما بينَها في هذا المجال.
المصادر:
[1] مؤشر المعرفة العربي 2015 ، ص 76
[2] https://www.unescwa.org/ar/node/7366
[3] Ministry of Communications and Information Technology in Egypt 2014
[4] تقرير المعرفة العربي ، 2014 ، ص 6
I gotta favorite this site it seems extremely helpful very helpful