أصبحنا نسمع كثيرا عن مصطلح حرب العملات الذي انتشر بشكل كبير مؤخرا. فما هي حرب العملات ؟ من هم اطراف هذه الحرب؟ و ما هي الآثار الاقتصادية المترتبة على حرب العملات ؟
فالمقصود بحرب العملات هو ان تقوم دولة ما بتخفيض قيمة عملتها اختياريا من اجل تحقيق اهداف إقتصادية كإعطاء صادراتها ميزه تنافسية عن صادرات الدول الأخرى و تدعيم صادراتها بالخارج. و حتى يتسنى لنا فهم هذا المصطلح سنبسط الفكرة بشكل أكثر. دعونا نتخيل أن هناك رجلان أحدهما مصري والأخر أمريكي يعملان في مجال الإستيراد و التصدير و لنفرض جدلا أن سعر الدولار الأمريكي الواحد يساوي 5 جنيهات مصرية، حيث يقوم رجل الأعمال المصري بإستيراد منتج ما من الولايات المتحدة و قيمة هذا المنتج هو دولار واحد للوحدة و يقوم الرجل بإستيراد 100 وحدة. إذا يتوجب على الرجل المصري توفير مبلغ قدره 100 دولار اي 500 جنيه مصري ثمن البضاعة. فإذا حدث و قامت مصر بتخفيض قيمة عملتها للضعف مثلا و أصبح الدولار الواحد يساوي 10 جنيهات مصرية. إذا يتوجب على المستورد المصري توفير مبلغ قدره 1000 جنيه مصري ثمنا ل 100 وحده من البضاعة المستوردة.
أما إذا حدث العكس و أراد رجل الأعمال الأمريكي أن يستورد 100 وحدة من بضاعة ما من مصر، و كان ثمن الوحدة على سبيل المثال جنيه واحد. سنلاحظ في الحالة الأولى عندما كان الدولار الواحد يساوي 5 جنيهات أن الرجل الأمريكي سيستورد بضاعة قيمتها 100 جنيه مصري أي ما يعادل 20 دولار أمريكي . أما في الحالة الثانية عندما قامت مصر بخفض قيمة عملتها، سيستورد رجل الأعمال نفس كمية البضاعة بمبلغ قيمته 10 دولار فقط بدلا من 20 دولار، وبالتالي يصبح لمصر ميزة تنافسية لصادراتها في الخارج.
و من أشهر الصراعات الدائرة حاليا بخصوص حرب العملات هو الصراع بين أمريكا و الصين، حيث تتهم أمريكا الصين بأنها تتعمد تقييم عملتها بأقل من قيمتها الفعلية. والحقيقة أن هذا التقييم المنخفض لليوان الصيني أعطى للصادرات الصينية تنافسية كبيرة. و بالتالي تتهم أمريكا الصين بأنها تتمتع بمنافع تجارية غير عادلة.
وهنا يتوجب علينا أن نتسائل ما هو السيناريو القادم لهذه الحرب؟
هناك عدة احتمالات فالسيناريو الأول هو سيناريو رضوخ الصين لمطالب أمريكا برفع قيمة عملتها وهذا يذكرنا بتجربة مشابهة لليابان حدثت عام 1985، حيث استجابت اليبان لضغط الولايات المتحدة وقامت برفع سعر صرف الين مقابل الدولار مما عرف بإتفاق بلازا وهو ما أثر سلبا على الصادرات اليابانية وكذلك علي معلات النمو بها.
أما السيناريو الأخر، وهو الأقرب للواقع وتؤكده الشواهد، فهو سيناريو عدم رضوخ الصين للضغوط الأمريكية وفي هذه الحالة قد ترفع الولايات المتحدة الأمريكية الرسوم على الواردات الصينية، وبطبيعة الحال لن تقف الصين مكتوفة الأيدي و ستفرض هي أيضا رسوما على الصادرات الأمريكية إليها. وهذا بدوره سيؤثر على معدلات النمو الاقتصادي العالمي، و إذا ما تفاقم الوضع قد يعود العالم إلى حالة من الركود الإقتصادي.